الريادة عند الشعراء النقاد / نازك الملائكة وأدونيس اختياراً

No Thumbnail Available

Date

2024-07-11

Journal Title

Journal ISSN

Volume Title

Publisher

Abstract

أسفر النصف الأول من القرن المنصرم عن محاولات للتجديد في الشكل الشعري ومضامينه ، كان ذلك بفعل الانتقال إلى عصر جديد شكّل فيه النزوع إلى الحداثة مؤثراً أكبر لمجاوزة الشعر التقليدي ، ومجاراة عملية التحوّل الحضاري في الفنون والآداب المختلفة. ولم يكد ينتصف القرن حتى حدث ذلك التحوّل في الشكل الشعري ، الذي عُدَّ تتويجاً للمحاولات السابقة ، ومنعطفاً تغيّرت عنده الثوابت التاريخية التي كانت إرثاً راسخاً تمتد جذوره إلى خمسة عشر قرناً أو يزيد. كان هذا المنعطف هو الذي تحوَّل فيه النّظم من ارتكازه على ستة عشر بحراً شعرياً موروثاً عن الأقدمين ، إلى نظام (التفعيلة) المتذبذبة ، غير القائمة على عدد مطَّرد في الشطر الواحد. هذا النظام الذي فتح بوابات واسعة للتجريب في الأشكال الشعرية شهدها النصف الثاني من القرن ، فكانت قصيدة النثر ثم الومضة والنص المفتوح والقصيدة التفاعلية ، وفتح معها بوابات أوسع للجدل النقدي حول طبيعة هذه الأشكال وجدواها وأصالتها ومرجعياتها الثقافية ، ومدى كونها تمثيلاً وامتداداً للشعر العربي في شكله التاريخي. ومن هنا تنعقد أهمية دراسة هذا الموضوع بصفته موضوعاً ريادياً أثار حوله جدلاً واسعاً بين التأييد والمعارضة ، من حيث هو ريادة فنية تدخل في صميم التطور الطبيعي للفنون والآداب ، وجدلاً آخر موازياً يقع في دائرة السبق والأولية التاريخية بين الشعراء والمبدعين. وخلال ذلك كلّه خضع النص إلى عملية إعادة بناء أريد منها أن تنتج المعاني المفارقة للموضوع الكلاسيكي ، القريبة من روح وطبيعة العصر بما هي تصوير للعالم الخارجي أو بما هي مستجيبة إلى عودة الشاعر إلى الذات والركون إليها. وبسبب من هذه الأهمية جرى اختيار هذا الموضوع مادة للأطروحة ، إذ تمت صياغة عنوانها وتحديد فصولها بمشورة ومداولة مع الأستاذ المشرف ، حيث هي امتداد لدراسات سابقة لامست أفق الموضوع نفسه وبحثت جوانب معينة فيه كان منها (الرماد ثانية) للدكتور كاظم الخفاجي. ولا يفوتنا أن ننوّه هنا بأنَّ نيَّتنا انعقدت بداية على دراسة الأنساق الثقافية الكامنة في ريادة الشعر العربي الحديث ، لكن رغبتنا في إطلاق الموضوع عن محدداته وما يمكن انْ يقيّده من عنوانات ضيقة ، دفعنا إلى دراسة الريادة في الشعر العربي الحديث بصفتها الأعم ، والمرتبطة بإعادة إنتاج النص وتوليد معانيه. ولقد حاولنا في هذه الأطروحة البناء على مجمل المراجع النقدية التي لامست هذا الموضوع ، فكان أن اخترنا لها أغلب الدراسات المعروفة بدراستها للشعر العربي الحديث ، وتأريخها لحركات الريادة والتجريب فيه ، لكن لا ندَّعي قطعاً استيفاء المراجع كلّها لأنَّ هذه الدراسة وإن حاولت ذلك فإنّها قد اصطدمت بصعوبات الحصول على المراجع المقيّدة بحقوق النشر والناشر. وليس المقصود هنا أقيامها المادية ، ولكن تأخر إجراءات تحويل الكتاب بفعل تباطؤ عملية الدفع والتحويل الألكترونيين في أحيان كثيرة ، ومن ثم عدم وصول الكتاب في الوقت الذي تكون الدراسة في مسيس الحاجة إليه. ومع هذا وذاك فانّه لا يكاد يكون هناك كتاب نقدي مهم عرض لقضية الريادة في الشعر العربي الحديث ، في النصف الثاني من القرن المنصرم خاصَّة ، إلاّ وكانت لنا وقفة معه وتأمل فيه. ولاريب أنّ هذه الدراسة مثلها مثل سائر الدراسات الإنسانية ، قد مالت إلى التركيز على مراجع بعينها ، كانت أكثر تماساً مع مباحثها ومفرداتها والمضامين التي خاضت فيها. ويمكن لنا في هذا الإطار أن نذكر (قضايا الشعر المعاصر) و(سايكولوجية الشعر ومقالات أخرى) لنازك الملائكة و(تطور الشعر العربي الحديث في العراق) لعلي عباس علوان و(شعرنا الحديث إلى أين) لغالي شكري و(الشعر الحر في العراق) ليوسف الصائغ و(معالم جديدة في أدبنا المعاصر) لفاضل ثامر ، و(التجديد في الشعر العربي الحديث) للدكتور يوسف عز الدين ، و(قضية الشعر الجديد) لمحمد النويهي ، و(اتجاهات الشعر العربي المعاصر) لإحسان عباس ، و(الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث) لسلمى الخضراء الجيوسي ، ومجمل مؤلفات وحوارات أدونيس النقدية ، وخاصة كتابيه (مقدمة للشعر العربي) و(زمن الشعر). أمّا منهجية البحث فقد كانت منهجية سياقية ، اعتمدت أكثر من منهج بحسب طبيعة كل مبحث والقضية التي يخوض فيها ، لكن كان هناك توجّهاً أقرب إلى المنهج التاريخي بصفته مرتبطاً أكثر من غيره بطبيعة الدراسة المتعلقة ببحث الريادة والأوّلية الشعرية. وقد اخترنا بالتشاور مع الدكتور الخفاجي بصفته مشرفاً على الأطروحة ثلاثة فصول. بحث الفصل الأول منها في ريادة نازك الملائكة للنقد الموازي لقصيدة التفعيلة، وقد جعلنا المبحث الأول منه في المقدمات النقدية لنازك الملائكة بين التنظير والتسويغ ، والمبحث الثاني في منجز نازك الملائكة بين الانوثة والابداع ، أمّا المبحث الثالث فقد كان في كتاب قضايا الشعر المعاصر بين المُؤَلِّف والمُؤَلَّف. أمَّا الفصل الثاني فقد خصصناه لجهود أدونيس الريادية وتحول الرؤية لديه في إعادة النص. وقد جعلنا المبحث الأول منه في تشكل الرؤية وإنتاج المعنى ، والمبحث الثاني في بحث التفرُّد والاختلاف في هذا المشروع ومقدار ما أنجزه من رؤية مفارقة لواقع الشعر الخمسيني الذي قدَّمه الروّاد. والمبحث الثالث في التشكيل النثري لدى أدونيس بين المماثلة والمغايرة. أمَّا الفصل الثالث فقد خصّصناه لدراسة الريادة في دائرة النقد العربي. حيث كان المبحث الأول مخصصاً لبحث جدلية الإيقاع ، والمبحث الثاني لبحث جدل اللغة وانتاج المعنى، والمبحث الثالث لبحث جدل الموضوع الشعري واستجابة الأشكال الحديثة إليه. وقبل ذلك كلّه كان هناك تمهيد أردنا له انْ يكون وافياً لبحث الحركات والاتجاهات الشعرية العربية التي شهدها النصف الأول من القرن العشرين بين الابداع والاتباع ، والجدل الذي أثير حولها بصفتها حركات ريادية بين الرفض والقبول والتأييد والمعارضة من لدن حركة النقد العربي الحديث.

Description

Keywords

Citation